لقاء نقاشي بعنوان “الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية”: تحليل معمق لأبعاد الأزمة

المراسل :عــــــــادل الجلابي

في إطار سلسلة الحلقات النقاشية التي ينظمها مركز “مدى”، عُقد يوم السبت 15 مارس 2025 لقاء علمي بعنوان “الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية”، عبر منصة “زوم”، بمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين بالشأن العربي والدولي. أدار اللقاء الدكتور مصطفى إنشاء الله، عضو مركز مدى، واستضاف الدكتور إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، الذي قدم تحليلاً شاملاً لأبعاد الأزمة وتداعياتها.

محاور النقاش الرئيسية

تناول اللقاء ثلاثة محاور رئيسية:

1. العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ظل إدارة الرئيس ترامب.
2. تداعيات الحرب على غزة فلسطينيًا.
3. انعكاسات الحرب على غزة عربيًا ودوليًا.

السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل: قراءة نقدية

افتتح الدكتور لكريني مداخلته بالتركيز على السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يعتمد على قراءة تاريخية عميقة لفهم أبعاد القضية الفلسطينية. وأكد أن خطاب ترامب افتقر إلى الدبلوماسية، لكنه لم يبتعد عن السياسات الأمريكية التقليدية التي تحكمها المصالح والمؤسسات.
كما أشار لكريني إلى أن التدخلات العسكرية غالبًا ما تؤدي إلى تداعيات كارثية على الشعوب والبنية التحتية، مستشهدًا بالوضع في غزة، حيث تتكبد جميع الأطراف خسائر كبيرة رغم التفوق العسكري الإسرائيلي. وتساءل عن إمكانية تقييم المقاومة الفلسطينية وفق معايير القوة التقليدية، خاصة في ظل تزايد التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية.

الوضع العربي: تحديات وتشرذم

تطرق الدكتور لكريني إلى الوضع العربي الراهن، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تظل قضية محورية بسبب عدالتها والتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، أشار إلى أن النظام العربي يمر بمرحلة حرجة نتيجة التراجع الاقتصادي والسياسي، وضعف المؤسسات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية، التي تعكس حالة التشرذم العربي وتفتقر إلى الفعالية في قراراتها.
كما ناقش لكريني الأوضاع في لبنان وسوريا، مؤكدًا أنها مرتبطة بترتيبات إقليمية تتجاوز الفاعلين المحليين. وتطرق إلى التوتر بين المغرب والجزائر، معتبرًا أن التدخلات الخارجية تساهم في تعقيد المشهد السياسي بالمنطقة.

التحولات الدولية وانعكاساتها على العالم العربي

في محور التحولات الدولية، أشار الدكتور لكريني إلى أن تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين تعكس قناعة بعدم وجود موقف عربي موحد قادر على تشكيل ضغط سياسي حقيقي. وتساءل عن إمكانية إعادة النظر في علاقات الدول العربية الدولية، خاصة في ظل صعود الصين كقوة عالمية مؤثرة.
وأكد أن الولايات المتحدة بدأت تبحث عن تحالفات جديدة مع صعود قوى دولية مثل الصين، داعيًا الدول العربية إلى استثمار هذه التحولات لصالحها. كما أشار إلى تجربة الاتحاد الإفريقي، الذي بدأ يفرض مواقف أكثر صرامة، مثل تعليق عضوية الدول التي تشهد انقلابات عسكرية.

نقاش ثري وتوصيات مهمة

شهد اللقاء نقاشًا ثريًا بين المشاركين، الذين أثاروا عدة نقاط مهمة، منها:

• استغلال بعض الأطراف للقضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.
• ضرورة أن تدرك الولايات المتحدة أن الحل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة يكمن في تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.

ختام اللقاء

اختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية استمرار الحلقات النقاشية لمتابعة التحولات الدولية واستشراف مستقبل القضايا العربية والعالمية. كما شدد المشاركون على ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الراهنة بفعالية أكبر.
يُعد هذا اللقاء خطوة مهمة نحو فهم أعمق لأبعاد الأزمة في غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية، مع التأكيد على أن الحلول المستدامة تتطلب جهودًا جماعية وعربية موحدة لتحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة.