عبدالفتاح الحالة: باحت في القانون العام
تعد مشاركة الشباب في تدبير الشأن المحلي ركيزة أساسية لبناء مجتمعات مستدامة، حيث يسهمون برؤى مبتكرة تعكس احتياجات الأجيال الجديدة، ومع ذلك تواجه هذه المشاركة عوائق متشابكة مثل ضعف التمثيل في الهيئات المحلية، والصور النمطية التي تقلل من قيمة آرائهم، بالإضافة إلى نقص الآليات المؤسسية التي تدمجهم في صنع القرار، وبالتالي فإن هذه التحديات لا تعيق إطلاق طاقات الشباب فحسب، بل تضعف أيضا فعالية السياسات المحلية في مواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
فإذا كانت التشريعات المغربية، وعلى رأسها الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، قد أكدت على أهمية إشراك الشباب في صنع القرار المحلي من خلال آليات مثل الهيئات الاستشارية والميزانيات التشاركية، غير أن الواقع يظهر تناقضا صارخا بين النصوص القانونية والممارسة الفعلية، إذ تهمش مشاركة الشباب غالبا بسبب غياب التفاعل المؤسساتي والوعي المجتمعي، حيث لا تزال نسبة مشاركتهم في تقديم العرائض أو الملتمسات ضئيلة جدا، مما يعكس حاجتهم إلى دعم ملموس لتحويل حقوقهم النظرية إلى إجراءات عملية.
علاوة على ذلك فإن جهود تمكين الشباب تواجه عقبات متعددة، أبرزها المركزية في صنع القرار رغم التوجه نحو اللامركزية، ونقص الموارد المخصصة للهيئات الشبابية، وضعف الثقة في المؤسسات المحلية. كما يضاف إلى ذلك افتقار العديد من الشباب إلى المعرفة الكافية بحقوقهم الدستورية، مثل حقهم في التشاور والمشاركة في البرامج التنموية. هذه التحديات تتطلب معالجة عاجلة من خلال تبني استراتيجيات تشاركية مبتكرة، كتعزيز المنصات الرقمية لتيسير إجراءات المشاركة، وتنظيم حملات توعوية.. لتثقيف الشباب بأدوارهم.
في الختام يظل تمكين الشباب رهينا بإصلاح مؤسسي يدمجهم فعليا في هياكل التدبير المحلي، عبر تخصيص مقاعد ضامنة لهم في الهيئات الاستشارية وتبني آليات مرنة تستجيب لاحتياجاتهم. كما أن تعزيز الشفافية وتسهيل الوصول إلى المعلومات يعدان خطوة أساسية لاستعادة الثقة بين الشباب والمؤسسات، مما يحولهم من مجرد متلقين للسياسات إلى فاعلين أساسيين في صنعها.
دور الشباب في تدبير الشأن المحلي: آليات قانونية وتحديات واقعية”

تعليقات
0